بستان الطفولة
لتستفيد من جميع خدمات المنتدى يجب عليك أخي الزائر التسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بستان الطفولة
لتستفيد من جميع خدمات المنتدى يجب عليك أخي الزائر التسجيل
بستان الطفولة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رجال في الظل .. ( قصة قصيرة )

اذهب الى الأسفل

رجال في الظل .. ( قصة قصيرة ) Empty رجال في الظل .. ( قصة قصيرة )

مُساهمة  Moben الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 7:05 pm


عندما سمعت من وليد زميلي في السجن عن حكاية العذاب الطويلة في زنازين

الاحتلال ، كدت لا أصدق لولا ان رأيت في كل كلمة قالها قصة متكاملة الفصول

مدعمة بالتواريخ و الاماكن . كنت و انا استمع افكر و أتساءل : كيف

تمكن هذا الرجل الهادئ ان يحافظ على طيبته و رباطة جأشه بالرغم

من عشرين عاما في مواجهة الجلادين ، عشرين عاما من الموت البطئ

و افول الشباب . كيف تمكن هذا الرجل الفولاذي من استغلال الاعتقال

حتى اصبح طبيبا ، يتمتع بكل هذه الثقافة الجامعة التي يفتقدها الاخرون ،

الذين يتنفسون الحرية و يمتلكون كل مواد العلم و الثقافة . لكن الجواب أتاني

فورا قبل ان أسترسل في تساؤلاتي، و كأن وليد قرأ ما يدور في أفكاري :

- الشيخ حامد اكمل ثلاثون عاما . و ذاك الرجل ذو اللحية الكثة تجاوز

السبعين من العمر مضى على اعتقاله إثنان و ثلاثون عاما و لم يشفع له

مرض العضال ليتمتع ببقية ايامه بين ذويه . و اما ذاك الباسم

دائما الرجل المقعد فإنه اعتقل قبلي بأسابيع قليله . هناك يا اخي العشرات

ان لم اقل المئات ممن تجاوزوا عشرين عاما في سجون الاحتلال معظمهم

كبار سن و مرضى .

- هل تمت محاكمتهم كأسرى ؟ سألت الدكتور وليد .

- محاكم عسكرية بلا شهود و لا دلائل . تخيل ان ابو العبد محكوم بثلاثة مؤبدات .

ابو سالم و هو مريض بفشل كلوي محكوم 150 عاما . المهندس نمر محكوم 75 عاما

و مؤبدان . أحكام غريبه من عدو لا مثيل له في التاريخ !

- ما هي التهم الموجهة اليهم ؟

- مقاومة الاحتلال . لكن هل تصدق ان البعض مضى على سجنه عشر سنين

اعتقال اداري بلا احكام ؟!

- و ماذا عن الزيارات ؟ سألت و انا مندهش مما سمعت .

- هذه يتحكم بها الجلاد . احيانا يمنعون زيارات العائلات لاولادهم لسنوات،

و احيانا يمنعون كليا الزياره مثلما هو حال ابو البراء ، فهو في زنزانة

منفرده ممنوع من الزيارات ، و هو مريض بضغط الدم و السكري و امراض

اخرى و لا يسمح للمؤسسات الدوليه كالصليب الاحمر و المنظمات الحقوقيه

العالمية من الاطلاع على اوضاعهم .

- الله اكبر .. صرخت بأعلى صوتي . أين منظمات حقوق الانسان . أين

الدول العربيه . أين السلطة و كيف تفاوض و تجتمع و هذه الالاف من ابناء

الشعب في سجون الاحتلال ؟؟؟ إن هذه المسأله يجب ان توضع في مقدمة

المسائل ، و يجب ان نرفض التفاوض من اساسه ما دام هناك معتقلين .

- يا اخي الموضوع ليس معتقلين و مرضى و معذبين فقط ، بل هناك مئات

الاخوات و الاطفال خلف القضبان . يتعرضون لكل انواع التعسف و الوحشية

و التعذيب النفسي و الجسدي .

- يا الله .. يا الله . كدت اقع على الارض من هول ما سمعت ، و من فداحة

ما رأيت . لم اكن اعلم و انا في الخارج ان الامور الى هذا الحد . ربما ان الترف

و قلة الاعتناء بقضايا شعبي جعلتني اكتشف اشياء هي امام عيني و لم أكن اراها .

حمدت الله على مشاركتي في تلك المسيرة التي تسببت بإعتقالي لاعرف ماذا يجري هنا .

اي ظلم يلحق بإنسانية الانسان في بلادي . أي شكل من الاحتلال هو الذي يجثم
على ارض فلسطين . أي عالم نعيش فيه ، هل هو عالم حقيقي ام غابة من الوحوش !

- تركني الدكتور وليد لينظر في حال احد المعتقلين الذي كان يتألم من قرحة المعده .

- مرحبا يا عم . جلست بلا استئذان بقرب رجل تجاوز السبعين من العمر .

كانت امارات الرجولة على جبهته و في عينيه الغائرتين . تخيلت نفسي و انا انظر

الى وجهه السمح الجميل امام جدي اسماعيل رحمه الله الذي قاد فصيلا من فصائل المقاومة

ايام ثورة القسام عام 36 ، و الذي استشهد في طبعون عام 48 . تخيلت انه جدي ، رفعت يده

الرقيقة التي غطى عظمها طبقة طرية من الجلد حتى بدت بلا لحم لضعفها ،

رفعتها الى فمي و قبلتها مرتان و رفعتها الى جبهتي احتراما و تقديرا .

- مرحبا يا بني . رد و لامس رأسي بحنو و عطف . ماذا جاء بك الى هنا ؟

- انا سعيد يا عماه ان التقي بكم ، و الله اني غير نادم رغم فراق الاحبة .

- لكن يا بني نحن في قبضة عدو لا يعرف الله . و لا يعرف للانسانية طريق .

لقد عملوا تجارب في جسدي ، اعطوني ادوية جعلت اطرافي تتآكل . كما ترى

يقطعون في جسمي رويدا رويدا نتيجة ادويتهم القاتله . لقد جربو ادويه مع غيري

من السجناء فخلفوا لديهم امراضا خبيثة . اوصيك اذا شعرت بوعكة أو اوجاع تستطيع

تحملها ان لا تذهب اليهم حتى لا يجربوا بك مبتكراتهم الجديده من القتل البطئ .

- كل هذا يحصل هنا ؟ قلت مستغربا .

- و أكثر يا بني ، انهم يسرقون الاعضاء من بعضنا . انهم ينهبون الحياة

بعدما نهبوا الارض . كن حذرا فرج الله عنك .

كنت ارى الدموع في عينيه ، رغم ظلام السجن ، تمنيت لو استطع

ان افتديه بنفسي . لكن كلانا في مكان لا يفتدي واحدنا به الآخر .

تمددت على فرشتي الرثة التي تقصر عن طولي الى الربع . و اخذت افكر

بحال القصص القليلة التي سمعتها في اليوم الاول من نزولي في هذا المكان

الخفي عن أعين الناس حيث تهدر به كرامة الانسان و ينال من انسانيته .

قررت ان اعرف قصص جديده عن المآسي التي يعاني منها الانسان الفلسطيني

هنا في المعتقلات التي لا تعرف للانسان حق و لا قيمة .
Moben
Moben
عضو مميز
عضو مميز

عدد المساهمات : 150
نقاط : 10630
تاريخ التسجيل : 19/12/2010
العمر : 30

https://tofola.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى